أنشيلوتي يتحرك لإقناع كاسيميرو بالعودة لقيادة وسط البرازيل
أنشيلوتي يتواصل مع كاسيميرو بعد تعيينه مدربًا للبرازيل ويستعد لأول اختبار رسمي أمام الإكوادور.

بدأ المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي تحركاته مبكرًا داخل أروقة منتخب البرازيل، عقب الإعلان الرسمي عن توليه القيادة الفنية للسامبا، حيث كشفت تقارير صحفية إسبانية أن أنشيلوتي فتح أول خطوط الاتصال مع أحد أبرز الأسماء في الجيل الذهبي للبرازيل، وهو النجم كاسيميرو، في محاولة جادة لإقناعه بالعودة إلى ارتداء قميص المنتخب من جديد، بعد غياب دام لفترة.هذه الخطوة لم تكن مفاجئة للمتابعين المقربين من مسيرة أنشيلوتي، خاصة أن كاسيميرو يُعتبر من أقرب اللاعبين إلى عقل وفكر المدرب الإيطالي، حيث شكّل معه ثنائيًا متفاهمًا خلال فترتهما الذهبية في ريال مدريد، التي شهدت تحقيق العديد من البطولات القارية والمحلية. أنشيلوتي يعرف تمامًا قيمة كاسيميرو الفنية والقيادية داخل المستطيل الأخضر، ويبدو أنه يرى فيه قطعة مفقودة في مشروع إعادة بناء المنتخب البرازيلي.
الاتحاد البرازيلي لكرة القدم أعلن رسميًا عن تعيين أنشيلوتي مديرًا فنيًا للمنتخب الوطني، مؤكدًا في بيان رسمي أن هذه الخطوة تتجاوز الجانب الفني، وتحمل في طياتها رسالة واضحة إلى العالم بأن البرازيل تعود بقوة لاستعادة هيبتها التاريخية، والعودة إلى منصات التتويج، خصوصًا بعد التراجع النسبي في الأداء والنتائج خلال السنوات الأخيرة. وجاء في البيان أن أنشيلوتي ليس مجرد مدرب، بل هو مشروع متكامل يعكس طموحات الكرة البرازيلية في العودة إلى القمة.
صحيفة "آس" الإسبانية كانت أول من كشف تفاصيل الاتصال بين أنشيلوتي وكاسيميرو، وأكدت أن المدرب الجديد للسامبا أجرى محادثة مباشرة مع لاعب مانشستر يونايتد، عبّر خلالها عن رغبته الصريحة في أن يعود القائد السابق لخط وسط ريال مدريد إلى صفوف المنتخب، ليكون جزءًا أساسيًا من خطة الإنعاش الكروي التي يسعى أنشيلوتي لتنفيذها على أرض الواقع. الصحيفة أشارت إلى أن العلاقة القوية التي تجمع الطرفين قد تسهّل من اتخاذ كاسيميرو قرار العودة، لا سيما في ظل احترامه الشديد لأنشيلوتي وثقته الكاملة برؤيته الفنية.
ويُعد كاسيميرو أحد أكثر لاعبي الوسط تأثيرًا في تاريخ الكرة البرازيلية خلال العقد الأخير، إذ ساهم بشكل مباشر في تأمين خط الوسط وتوفير التوازن بين الدفاع والهجوم، وهو ما جعله عنصرًا لا غنى عنه في تشكيلة ريال مدريد لسنوات طويلة. وتحت قيادة أنشيلوتي، كان كاسيميرو حاضرًا دائمًا في أصعب المباريات وأكثرها حساسية، نظرًا لصلابته الدفاعية وقدرته على قطع الكرات وبناء الهجمات من الخلف بثقة وهدوء.
من جانبه، عبّر رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، إيدنالدو رودريجيز، عن فخره بالتعاقد مع كارلو أنشيلوتي، مؤكدًا أن البرازيل الآن تمتلك أعظم مدرب في العالم، ليقود أعظم منتخب في تاريخ اللعبة. وقال رودريجيز في تصريحاته: "هذه لحظة تاريخية بكل المقاييس. أنشيلوتي هو المدرب الذي كنا نبحث عنه، لما يملكه من خبرة دولية وقدرة على التعامل مع النجوم، والآن حان وقت كتابة فصول جديدة من المجد البرازيلي، بقيادته الميدانية والفكرية".
التحركات البرازيلية لم تتوقف عند كاسيميرو فقط، بل تشير تقارير صحفية أخرى إلى وجود قائمة من الأسماء التي ينوي أنشيلوتي استدعاءها خلال المعسكر القادم، مع توقعات بعودة بعض النجوم الذين غابوا في الفترة الماضية لأسباب فنية، مما ينبئ بثورة تكتيكية قادمة في صفوف السامبا. كما يُنتظر أن يجري المدرب الإيطالي اجتماعات سريعة مع بعض العناصر الشابة، من أجل خلق توليفة مثالية تجمع بين الخبرة والطموح.
وسيبدأ أنشيلوتي مهمته رسميًا مع منتخب البرازيل في نهاية شهر مايو الجاري، حيث يخوض أول اختبار حقيقي له عندما يلتقي مع منتخب الإكوادور يوم الخامس من يونيو، في إطار منافسات تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026. وتكتسب هذه المباراة أهمية كبرى، ليس فقط لأنها الظهور الأول لأنشيلوتي على الخط الفني، بل لأنها تأتي أمام خصم قوي يحتل المركز الثاني في جدول التصفيات.
وتحتل البرازيل حاليًا المركز الرابع برصيد 21 نقطة، في ظل منافسة شرسة على المراكز المؤهلة مباشرة إلى المونديال، مما يجعل مباراة الإكوادور بمثابة نقطة تحول في مشوار التصفيات، خصوصًا أن المنتخب الإكوادوري يمتلك في جعبته 23 نقطة ويطمح بدوره في تعزيز موقعه بين الكبار. ومن المنتظر أن يعتمد أنشيلوتي في هذه المواجهة على توليفة تضم مزيجًا من الوجوه المعروفة وبعض العناصر الجديدة، بما يتماشى مع فلسفته القائمة على المرونة التكتيكية والانضباط داخل الملعب.
ويبدو أن المنتخب البرازيلي مقبل على مرحلة مختلفة تمامًا، إذ لا تقتصر طموحات أنشيلوتي على التأهل فقط، بل تتعداها نحو بناء فريق قادر على استعادة الهيبة العالمية وإعادة لقب كأس العالم إلى خزائن البرازيل بعد غياب دام لعقود. رؤية المدرب الإيطالي تقوم على إعادة تشكيل الهوية الفنية للسامبا، وإعادة الانضباط والتوازن إلى الفريق، وهي عناصر افتقدها المنتخب في أكثر من مناسبة مؤخرًا.
وبينما يُنتظر أن يُحدث هذا التعاقد نقلة نوعية في مسيرة المنتخب البرازيلي، تبقى الأنظار متجهة نحو مدى قدرة أنشيلوتي على تكرار إنجازاته الأوروبية في القارة اللاتينية، ومدى تجاوب اللاعبين مع فكره وأسلوبه الذي يعتمد على الواقعية والذكاء التكتيكي. ويبقى السؤال الأهم: هل ينجح "كارليتو" في كتابة فصل جديد من المجد مع السيليساو؟ أم أن التحديات ستكون أكبر مما يتصورها عشاق المنتخب الأكثر تتويجًا في العالم؟
الوقت فقط كفيل بالإجابة، لكن ما هو مؤكد أن عودة كاسيميرو المحتملة ستكون أولى علامات الجدية في مشروع أنشيلوتي، وستفتح الباب أمام عودة هيبة البرازيل إلى الساحة العالمية من جديد.