حقق فريق مسار لكرة القدم النسائية إنجازًا كبيرًا يضاف إلى تاريخه الناصع في ملاعب الكرة المصرية، بعدما توّج بلقب الدوري المصري لكرة القدم النسائية للموسم الثاني على التوالي، عقب فوزه المستحق على فريق الزمالك بنتيجة هدف دون رد، في الجولة قبل الأخيرة من المسابقة المحلية. هذا الفوز جاء ليؤكد التفوق الكاسح الذي يقدمه الفريق طوال الموسم، ويعكس الحالة الفنية والبدنية والانضباط التكتيكي العالي الذي ظهرت به لاعبات مسار، سواء في مواجهات القمة أو في اللقاءات الأخرى على مدار موسم طويل وشاق.

نجح فريق مسار للسيدات في تقديم موسم استثنائي لم يعرف فيه طعم الخسارة، حيث خاض الفريق 24 مباراة منذ انطلاق البطولة، وخرج منها بـ23 انتصارًا وتعادل وحيد، محققًا واحدة من أقوى الحملات في تاريخ البطولة، ومتفوقًا على جميع منافسيه بفضل الأداء الجماعي المتوازن، والروح القتالية العالية، وحنكة الجهاز الفني في إدارة المباريات الصعبة، وخصوصًا أمام الفرق الكبرى.

وجاء الانتصار الحاسم على الزمالك ليكون بمثابة تتويج منطقي لسلسلة من النتائج القوية التي حققها الفريق، أبرزها الانتصار التاريخي على النادي الأهلي بثلاثية نظيفة في الدور الأول، وهو ما منح الفريق دفعة قوية نحو صدارة جدول الترتيب، وجعل من منافسيه يراجعون حساباتهم أمام الأداء المتصاعد لنادي مسار، الذي فرض سيطرته على مجريات البطولة منذ أسابيعها الأولى وحتى الجولة قبل الأخيرة.

وسجل فريق مسار هدفه الثمين في شباك الزمالك خلال لقاء الجولة الـ24، والذي جاء بعد مباراة تكتيكية محكمة شهدت أفضلية واضحة للفريق من حيث الاستحواذ، وصناعة الفرص، والانتشار في الملعب، وسط حالة من الانضباط والتركيز الشديدين، ليعلن بعد صافرة النهاية عن تتويجه المستحق بالدرع، دون انتظار نتيجة الجولة الأخيرة أمام الأهلي، والتي أصبحت بمثابة تحصيل حاصل.

وارتفع رصيد فريق مسار إلى 70 نقطة، متصدرًا جدول ترتيب دوري الكرة النسائية بفارق خمس نقاط عن أقرب ملاحقيه النادي الأهلي، وذلك مع تبقي جولة واحدة فقط على ختام المسابقة، ما يعني أن التتويج حُسم رسميًا لصالح فريق مسار، ليحتفل اللاعبات والجهاز الفني باللقب عن جدارة واستحقاق.

ويمثل هذا التتويج إنجازًا استثنائيًا للنادي، إذ يُعد الحفاظ على اللقب في ظل المنافسة القوية من أندية كبيرة مثل الأهلي والزمالك أمرًا ليس بالسهل، لكنه تحقق بفضل العمل الجاد والتخطيط السليم من إدارة الفريق والجهاز الفني واللاعبات، الذين أثبتوا أن التتويج في الموسم الماضي لم يكن ضربة حظ، بل نتيجة مشروع رياضي متكامل يسعى إلى ترسيخ ثقافة الفوز والهيمنة الرياضية في الكرة النسائية المصرية.

وتعكس الأرقام المذهلة التي سجلها الفريق هذا الموسم حجم السيطرة، حيث لم يتعرض لأي هزيمة، وتمكن من هز شباك منافسيه بعدد كبير من الأهداف، في حين حافظ على شباكه نظيفة في عدد كبير من المباريات، وهو ما يعكس التوازن بين الدفاع والهجوم. كذلك، نجحت العديد من لاعبات الفريق في خطف الأنظار، سواء من خلال المهارات الفردية أو الأداء الجماعي المنسجم، مما ساهم في تقديم فريق قوي ومتماسك يصعب مواجهته.

ورغم أن مسابقة الدوري لم تنتهِ بعد، فإن الأنظار تتجه بالفعل نحو الموسم القادم، حيث سيكون التحدي الأكبر أمام مسار هو مواصلة التفوق والحفاظ على الهيمنة المحلية، وربما التطلع للمنافسة قاريًا في المستقبل إذا تم فتح المجال لمشاركات خارجية على مستوى الأندية.

ويستحق الجهاز الفني لفريق مسار إشادة خاصة، بعدما نجح في بناء فريق متكامل، يتمتع بخيارات متعددة في جميع المراكز، مع تقديم كرة قدم جماعية حديثة تعتمد على الضغط العالي، وسرعة التحول من الدفاع للهجوم، واستغلال المساحات، وهو ما ظهر جليًا في أغلب مباريات الفريق أمام فرق المقدمة.

أما على صعيد الجماهير والداعمين، فقد حظي الفريق بمتابعة واهتمام متزايد خلال الأسابيع الماضية، خصوصًا بعد اقترابه من حسم اللقب، حيث تعالت أصوات المطالبين بزيادة الاهتمام بكرة القدم النسائية في مصر، ودعم الأندية المتميزة مثل مسار، من خلال تقديم تغطية إعلامية أكبر، وتوفير بنية تحتية أفضل، وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية في دعم فرق السيدات.

اللافت أيضًا في رحلة مسار هذا الموسم هو الروح الرياضية العالية التي تمتع بها الفريق، حيث لم تُسجَّل أي مخالفات سلوكية ضد اللاعبات أو الجهاز الفني، وكان الفريق نموذجًا يحتذى به في الالتزام والانضباط، وهو ما جعل من انتصاراته محل احترام وتقدير من جميع متابعي الدوري المصري لكرة القدم النسائية.

وتنتظر جماهير مسار احتفالية رسمية خلال الجولة الأخيرة عند مواجهة الأهلي، والتي من المتوقع أن تكون فرصة مثالية للاحتفال بالتتويج وسط أجواء فرح رياضية تعكس النجاح الباهر للفريق، وتكرّس مكانته كأحد أفضل الفرق في تاريخ البطولة.

ومع هذا التتويج الثاني تواليًا، بات من الواضح أن فريق مسار قد رسم طريقه نحو المجد في الكرة النسائية المصرية، وأثبت أنه لا يُهزم بسهولة، وأن لديه مشروعًا طموحًا لبناء إمبراطورية رياضية نسائية قادرة على المنافسة لسنوات قادمة.