دموع نعيم عيسى قبل وفاته.. وحزنه العميق بسبب تجاهل عادل إمام

وفاة الفنان نعيم عيسى عن 92 عامًا بعد صراع مع المرض وغياب عن الساحة.

الفنان نعيم عيسى

تاريخ النشر: 2025-05-05 15:24:23 تاريخ التحديث: 2025-05-05 15:24:23

تُوفي الفنان الكبير نعيم عيسى، صباح اليوم الإثنين، عن عمر ناهز الثانية والتسعين، بعد معاناة طويلة مع المرض، فيما لم تُعلن أسرته بعد عن تفاصيل موعد الجنازة أو إجراءات تشييع الجثمان، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا ممتدًا لعقود من الزمان، كان فيها أحد أبرز الوجوه الكوميدية في الدراما والمسرح والسينما المصرية.


وكان الفنان الراحل قد ظهر قبل ثلاث سنوات في لقاء نادر ومؤثر ببرنامج "واحد من الناس" مع الإعلامي عمرو الليثي، تحدث فيه بمرارة عن لحظات من الألم النفسي والخذلان، خاصة بعد أن تراجع اسمه على الساحة الفنية، رغم تاريخه الطويل، وأعماله التي شارك فيها كبار النجوم، وعلى رأسهم الزعيم عادل إمام.



في اللقاء، كشف نعيم عيسى أنه شارك في معظم أفلام عادل إمام، وكان بينهما ود واحترام كبير، إلا أن هذا الارتباط الفني بدأ في التلاشي عندما دخل الفنان يوسف داوود المشهد، ما أدى إلى تقليص أدواره تدريجياً. وقال إنه شعر بالحزن لأن عادل إمام لم يسانده أو يتواصل معه لاحقًا، رغم العلاقة التي جمعتهما لسنوات، مضيفًا: "أنا مش زعلان من عادل إمام، لكن زعلت لأنه استبدلني بحد تاني فجأة، وده وجعني".


وعلى الرغم من مرارة التجربة، وجه له رسالة محبة قائلاً: "ربنا يقويك ويديك الصحة، أنت فنان كبير، وفخر لأي فنان يشتغل معاك". تلك الرسالة عكست قدرًا كبيرًا من التسامح والاعتراف بمكانة الزعيم، لكنها لم تخف ما يشعر به من ألم داخلي.


وفي جانب آخر من اللقاء، تحدث نعيم عيسى عن ابتعاده عن العمل الفني لمدة ست سنوات، بعد مشاركته بدور صغير في مسلسل "شارع عبد العزيز"، معتبرًا هذا الدور تقليلًا من تاريخه، وأضاف أنه لم يعرف السبب وراء تهميشه، متسائلًا ما إذا كان الأمر بسبب جيل المخرجين الجدد الذين لم يعطوا قيمة لخبراته.


ومع مرور الوقت، دخل المستشفى مرتين، وتدهورت حالته الصحية، دون أن يتلقى دعمًا يُذكر من الوسط الفني، باستثناء نقيب الممثلين، دكتور أشرف زكي، الذي زاره وسانده وأشرف على إجراء عمليتين لتركيب دعامات في قلبه. أما بقية الفنانين، فلم يسأل عنه أحد، على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن تجاهل زملائه أحزنه أكثر من المرض نفسه.


وفي لحظة مؤثرة، تحدث عن ظروفه المادية، قائلاً إن معاشه الشهري لا يكفي لتغطية احتياجاته الأساسية، وإنه يعتمد جزئيًا على دعم أبنائه، خاصة مع إيجار شقته المرتفع وتكاليف علاجه التي تتجاوز 2000 جنيه شهريًا. وأعرب عن أمنيته الأخيرة بأن يؤدي مناسك العمرة برفقة ابنته، داعيًا الله أن يُحقق له ذلك.


وتحدث أيضًا عن شعوره بالحسرة من الإهمال والنسيان، موضحًا أنه لم يكن يتوقع أن ينتهي به الحال مريضًا، وحيدًا، بعيدًا عن الأضواء والزملاء، الذين تجاهلوا حتى زيارته أو إرسال رسالة للاطمئنان عليه. وأضاف: "ليه محدش بيسأل؟ ليه محدش بيزور؟ أنا عشت عمري كله في الفن، وساعدت ناس كتير، لكن لما احتجت مكنتش لاقي حد".


وكانت نبرة صوته في حديثه الأخير تعكس حزنًا دفينًا لا يداويه الزمن، ونظرة محبطة تجاه الوسط الفني الذي لطالما كان جزءًا منه. ومع ذلك، ظل متمسكًا بالأمل، يدعو الله أن يحفظ أبناءه ويوصيهم دومًا بأن يتحابوا ويتماسكوا، لأن الأسرة – بحسب تعبيره – هي السند الحقيقي في الحياة.


هكذا غاب نعيم عيسى عن الدنيا، لكنه ترك أثرًا في قلوب جمهوره، الذين أحبوه في أدوار الشر الكوميدية، وصوته المميز، وتعابيره التي صنعت البهجة على وجوه أجيال. قد يكون قد رحل جسدًا، لكن صوته وضحكته باقية في ذاكرة الفن المصري، شاهدة على رحلة رجل أحب التمثيل حتى اللحظة الأخيرة، وواجه ظروفه بكرامة وهدوء.


وربما يحمل هذا الرحيل رسالة لمن بقي، بأن الفنان لا يحتاج فقط للتكريم في المهرجانات، بل أيضًا للمحبة والدعم والوفاء، لا سيما حين يغيب عنه الضوء.