تحدثت الفنانة رحمة أحمد خلال لقائها في أحد البرامج التليفزيونية عن كواليس مشاركتها في مسلسل "80 باكو"، الذي عُرض ضمن موسم رمضان 2025، وتطرقت بتلقائية شديدة إلى العديد من الجوانب في حياتها الفنية والشخصية، حيث كشفت عن مشاعرها أثناء التحضير للعمل، وما واجهته من تحديات نفسية في تأدية الدور، كما تحدثت عن مكالمة خاصة جمعتها بالفنانة الكبيرة عبلة كامل، والتي وصفتها بأنها فنانة "أم" وقدوة لكل الأجيال، مشيرة إلى أنها هنأتها على الدور ووجهت لها نصائح مهمة، كان أبرزها التنوع في اختيار الأدوار وألا تحصر نفسها في قالب واحد.

قالت رحمة إن مكالمة عبلة كامل جاءت عبر هاتف نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي، حيث فوجئت بها على الخط، وأثرت فيها كثيرًا تلك الروح الأمومية والنصيحة الدافئة التي تنبع من خبرة طويلة. وأكدت أنها تشعر بالامتنان لهذا الدعم، خاصة أنه جاء من فنانة لها تاريخ طويل ومشرف، مشيرة إلى أنها تتعامل بتواضع ومحبة مع الجميع.

وفي سياق حديثها عن مسلسل "80 باكو"، أوضحت رحمة أن الدور الذي قدمته يمثل نقلة نوعية في مسيرتها، حيث كان انتقالها من الأدوار الكوميدية التي اعتاد عليها الجمهور، إلى الأداء التراجيدي محاطًا بكثير من القلق والخوف، خاصة وأن الشخصية مليئة بالانفعالات ومواقف العنف الأسري والبؤس. وتقول: "كنت مرعوبة، لأن الكوميديا حاجة والتراجيديا حاجة تانية خالص، يا تنجح أوي يا تفشل أوي، والحمد لله ردود الفعل كانت مبهرة".

أما عن مشهد السرقة الشهير في المسلسل، فأكدت أن جزءًا كبيرًا منه كان مرتجلًا، حيث فتحت المخرجة الكاميرا وتركتهن يؤدين بحرية مطلقة، ما منح المشهد صدقًا كبيرًا. وأضافت أن الفنانة انتصار، التي شاركتها المشهد، كانت مرعبة لدرجة أنها اندمجت تمامًا في التمثيل، وكأن الحدث حقيقي.

وكشفت رحمة عن تدريبات قامت بها قبل تصوير المسلسل، خاصة أنها كانت تؤدي دور فتاة تعمل في صالون تجميل شعبي، فذهبت مع زميلاتها إلى كوافير حقيقي في منطقة الدقي، وهناك تدربن على طرق تصفيف الشعر ورسم الحواجب وغيرها من التفاصيل الواقعية. ولفتت إلى أن ما فاجأها ليس فقط الجانب العملي، بل العلاقات الإنسانية العميقة بين العاملات والزبونات في تلك البيئة، مشيرة إلى أن الكوافير كان مليئًا بالحكايات والمشاعر.

أما عن الشخصية التي جسدتها في المسلسل، وهي "عبير"، فقالت إنها شخصية مؤلمة تعكس واقعًا مريرًا تعيشه كثير من النساء في المجتمع، مشيرة إلى أن هناك نساء لا يستطعن الطلاق رغم تعرضهن للعنف، بسبب عجزهن المادي، وأن ذلك النوع من الأدوار يترك أثرًا نفسيًا عميقًا فيها. وأوضحت أنها دخلت في نوبة بكاء شديدة بعد تصوير مشهد السرقة، وجلست تبكي وحدها في الكرفان لأنها لم تتحمل تخيل أن هناك نساء بالفعل يعشن هذا الواقع المؤلم، مضيفة: "نفسيتي باظت وفضلت أعيط، مش قادرة أتخيل الستات دي بتعيش إزاي؟".

وتابعت أنها تحرص على تربية ابنها "مصطفى" بعيدًا عن هذه المشاهد المؤلمة، مؤكدة أن مشهد الضرب مثلًا لم يشاهده. وشددت على أهمية التعليم في حياة أي إنسان، موضحة أن المال ليس هو المعيار الحقيقي للنجاح، بل العلم، قائلة: "مش مهم عندك كام في البنك، الأهم يكون عندك شهادة، لأنك لو وقعت هتعرف تبدأ من جديد".

أما على الجانب الاجتماعي، فقد عبرت عن موقفها الواضح تجاه فكرة الإنفاق بين الزوجين، مؤكدة أنها لا تؤمن بأن المرأة يجب أن تصرف على الرجل، وأنها لا ترى أنه من الطبيعي أن المرأة المتزوجة تنفق على نفسها أو أطفالها وحدها، لأن المسؤولية تقع بالأساس على الأب، لكنها لا تمانع أن تساعد الزوج إذا كان يستحق.

أشارت أيضًا إلى قلقها من بعض التصرفات التي قد تصدر من الأزواج، مثل أن يبدأ الرجل في الاهتمام بمظهره فجأة أو يشتري عطرًا جديدًا، موضحة أن المرأة بطبيعتها تشعر أن هناك شيئًا مريبًا، وأضافت: "مفيش ست غبية، الست تعرف وهي قاعدة مكانها، ده إحساس إلهي".

وتحدثت رحمة كذلك عن الضغوط التي تعرضت لها بسبب الهجوم الإلكتروني على دورها في الجزء السابع من مسلسل "الكبير أوي"، حيث فوجئت بلجان إلكترونية تشن هجومًا قاسيًا عليها، مما دفعها للبكاء، لكنها فيما بعد أدركت أن هذا جزء من ضريبة النجاح.

وفيما يتعلق بما يُطلق عليه "السينما النظيفة"، أكدت أنها لا تفهم معنى هذا التصنيف، وترى أن الفنان لا يملك أن يحكم على زملائه، وأنها ترفض تمامًا إدانة أو تقييم الآخرين، مشددة على احترامها لأي فنان مهما كان اختياره، وأنها لن تسمح لنفسها يومًا أن تكون في موقع حكم.

كما أبدت استياءها من الانتقادات التي وُجهت للفنانة ريهام عبد الغفور، مؤكدة أنها ممثلة جميلة وقديرة، ولا تستحق الهجوم الذي تعرضت له بعد دورها في "ظلم المصطبة"، وقالت: "زعلت أوي لما شفت الانتقادات، ريهام دي فنانة بجد وبتقدم حاجة تقيلة".

أما عن ترتيب الأسماء على تترات الأعمال الفنية، فأوضحت أنه أمر لا علاقة للفنان به، لأنه يخضع لاتفاقات إدارة الأعمال والرؤية الإنتاجية.

وكشفت رحمة أيضًا عن معاناتها الأخيرة مع الاكتئاب وسوء الحالة النفسية، مشيرة إلى أن ذلك أثر على شهيتها وتسبب في فقدانها للوزن، وأضافت أن البعض ظن أنها خضعت لعملية تكميم، لكنها في الحقيقة فقدت الوزن الذي اكتسبته خلال الحمل والرضاعة فقط، دون أي تدخل طبي.

حديث رحمة أحمد كان مليئًا بالعفوية والصدق، وعكس صورة لفنانة لا تتهرب من مشاعرها ولا تخشى مشاركة تجربتها كاملة مع جمهورها. تصريحاتها المتنوعة أثبتت أنها ليست فقط ممثلة موهوبة، بل إنسانة حقيقية تتعامل مع الفن من منطلق مسؤولية إنسانية وفكرية، وتؤمن أن التمثيل رسالة قبل أن يكون وسيلة للشهرة أو النجاح.