وفاة المستشار شعبان الشامي
توفي المستشار شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات أمن الدولة العليا، بعد صراع مع المرض.

توفي صباح اليوم الأحد، المستشار شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات أمن الدولة العليا، بعد صراع طويل مع المرض، ما شكل صدمة كبيرة في الأوساط القضائية المصرية. المستشار الشامي كان واحدًا من أبرز الأسماء القانونية في مصر في العقود الأخيرة، وترك إرثًا كبيرًا في مجاله، حيث يعتبر من القضاة الذين خدموا العدالة في أحلك الظروف وأصعب المحاكمات. فقد عُرف بحسمه وصرامته في اتخاذ القرارات، وكان يشتهر أيضًا بحسه الفكاهي الذي كان يخفف من توتر الجلسات القضائية، ويجعلها أكثر إنسانية ومرونة، رغم أهمية القضايا التي كان يتعامل معها.
المستشار الشامي وُلد في عام 1953، وتخرج من كلية حقوق عين شمس في عام 1975 بتقدير "جيد جدًا"، ثم بدأ مشواره المهني في النيابة العامة عام 1976 حيث تم تعيينه معاون نيابة. سرعان ما تدرج في المناصب القضائية، حيث تم ترقيته إلى رئيس نيابة عام 1981، ليكمل مسيرته المميزة في السلك القضائي. تولى العديد من المناصب العليا داخل النيابة والمحاكم، منها رئيس نيابة شمال القاهرة، ثم مستشارًا في محاكم الاستئناف، وأخيرًا تم تعيينه في محاكم الجنايات منذ عام 2002.
خلال مسيرته المهنية الطويلة، تولى المستشار الشامي النظر في العديد من القضايا البارزة، بعضها كان يشغل الرأي العام، مثل قضايا الفساد الكبرى والجرائم التي تسببت في زعزعة الاستقرار الداخلي. ورغم كثرة الضغوط التي تعرض لها في بعض الأحيان، إلا أنه كان يتسم دائمًا بالحزم والعدالة في اتخاذ القرارات، دون التنازل عن أي من مبادئ القانون. وكان المستشار الشامي أحد القضاة الذين عرفوا بحرصهم الشديد على العدالة، وحرصوا على إظهار نزاهتهم وحيادهم التام في كل قضية، حتى في أحلك اللحظات التي مرت بها البلاد.
من أبرز إنجازات المستشار الشامي هو دوره البارز في تحديث العمل القضائي المصري، حيث كان من أول من أدخلوا التكنولوجيا في المجال القضائي، حيث قام بتطبيق استخدام الكمبيوتر في تسجيل القضايا وإصدار الأحكام، ليُحدث بذلك طفرة في الطريقة التي كان يتم بها إدارة الملفات القضائية في مصر منذ عام 1994. وقد أسهم هذا التطور في تسريع الإجراءات القضائية وتيسير عمل المحاكم بشكل عام، مما جعل المحكمة أكثر شفافية وكفاءة.
كما أن المستشار الشامي تولى أيضًا العديد من القضايا الشائكة التي شكلت جزءًا من تاريخ مصر الحديث. وعُرف دائمًا بقدرته على إتمام المحاكمات بكفاءة عالية، والحرص على تطبيق القانون بشكل حازم ومتوازن. وكان يجمع بين الحسم الكبير في إصداره للأحكام وبين القدرة على إضفاء جو من الإنسانيات على الجلسات، ما جعله محط احترام من الجميع.
رحيل المستشار شعبان الشامي لا يمثل فقط خسارة فادحة للعدالة المصرية، بل إنه يعد أيضًا خسارة لسلك القضاء ككل، حيث كان واحدًا من القضاة الذين أسهموا في بناء صورة قوية للقضاء المصري في الداخل والخارج. ترك المستشار الشامي بصمة واضحة في تاريخ القضاء المصري، ليس فقط بسبب حكمته وعدالته، ولكن أيضًا لأنه كان نموذجًا للمثابرة والإصرار في السعي وراء العدالة، مهما كانت التحديات.
ومع رحيله، يظل إسهام المستشار الشامي في تطوير النظام القضائي المصري حاضراً في أذهان الجميع، بما يعكس جهوده العظيمة في مسيرة طويلة مليئة بالعطاء والخدمة الوطنية، مما يجعل من هذه اللحظة فقدانًا حقيقيًا لمصر وللقضاء بشكل خاص.