في واقعة موجعة أحاطتها علامات الأسى والحيرة، ألقت الأجهزة الأمنية بمحافظة الشرقية القبض على رجل خمسيني يعمل بائع خردة، بعد توجيه اتهام مباشر له بالتعدي على ابنته المراهقة، التي لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وذلك داخل منزل الأسرة بقرية العصايد التابعة لمركز ديرب نجم.

وتعود تفاصيل الحادث إلى نشوب خلاف حاد بين الأب والابنة، على خلفية رغبة الأب في تزويجها قسرًا من نجل عمها، وهو ما قوبل برفض تام من الفتاة التي كانت تربطها علاقة عاطفية بشاب آخر، وأعلنت رغبتها في الارتباط به. هذا الرفض أشعل غضب الأب، الذي انهال عليها ضربًا باستخدام خرطوم، وفقًا لما كشفته التحريات الأولية، إلى أن أصابها بصدمة في الرأس فقدت على إثرها وعيها، وسقطت جثة هامدة، في مشهد أثار الفزع داخل البيت وبين أهالي القرية.
فور وقوع الحادث، انتقلت قوة من الشرطة إلى منزل الأسرة، وتم تحرير محضر بالواقعة، بينما جرى نقل الجثمان إلى مشرحة مستشفى ديرب نجم المركزي تحت تصرف النيابة العامة، التي باشرت التحقيق، وأمرت بانتداب الطب الشرعي لبيان سبب الوفاة بدقة، خاصة مع وجود شبهة جنائية قوية.

الصدمة لم تكن فقط في تفاصيل الواقعة، بل في الموقف الذي أعقبها، حيث خرجت شقيقة الضحية بتدوينة مؤثرة عبر حسابها على فيسبوك، حاولت من خلالها تبرئة والدها من نية الإيذاء، وقالت:
"الناس شايفين أبويا مجرم، لكن إحنا شايفينه أحن إنسان على بناته.. عمره ما ضربنا، ولا أهانا، وياسمين كانت أكتر واحدة قريبة منه، هي كانت روحه، واللي حصل قضاء ربنا، مش أكتر".

وأضافت: "أبويا تعب وشقي علينا، والناس ما تعرفش ظروفنا.. هو مش ملاك، بس كمان مش قاتل.. مفيش حد بيقتل بنته اللي بيحبها، كان غضبان، وكان بيحاول يفهمها، بس اللحظة خرجت عن السيطرة".

هذه الكلمات فتحت الباب أمام الجدل، خاصة مع حالة الانقسام بين من يرى أن ما حدث قتل عمد نتيجة عنف أسرى متكرر، وبين من يعتبره حادثًا مأساويًا في لحظة انفعال وغضب لم يُحسن فيها الأب السيطرة على نفسه، لاسيما في بيئة يغلب عليها الطابع العائلي المحافظ.

وفي الوقت نفسه، تواصل النيابة العامة تحقيقاتها الموسعة، حيث تم استدعاء أفراد الأسرة والجيران، وسماع أقوال الشهود، إضافة إلى تفريغ الكاميرات المحيطة، لتكوين صورة كاملة عن اللحظات التي سبقت الوفاة، وسط تأكيد من جهات التحقيق أن القانون سيأخذ مجراه دون مجاملة أو تهاون، مع مراعاة الظروف الاجتماعية والنفسية المحيطة بالحادث.

وتبقى الواقعة مؤلمة بكل تفاصيلها، إذ أنها تكشف عن خلل عميق في مفاهيم التعامل الأسري، وأهمية الحوار والتفاهم بدلًا من العنف، خصوصًا في قضايا الزواج والاختيار، التي ينبغي أن تُبنى على الرضا لا الإكراه، وعلى الرحمة لا القسوة.