في تطور تقني وسياسي لافت، أعلنت روسيا عن إطلاق تطبيقها الوطني MAX، والذي تصفه السلطات بأنه “سوبر تطبيق” يجمع كل احتياجات المستخدم اليومية في مكان واحد، بدءًا من المراسلة والدفع الإلكتروني، وصولًا إلى الخدمات الحكومية.
ويأتي هذا التحرك ضمن خطة أوسع للكرملين لبناء ما يُعرف بـ"الإنترنت السيادي"، أي شبكة رقمية روسية مكتفية ذاتيًا ومنفصلة جزئيًا عن التكنولوجيا الغربية.

تطبيق إلزامي لكل المواطنين

بدأت الحكومة الروسية الترويج المكثف لـ MAX منذ مارس الماضي، حيث تم تثبيته مسبقًا على الهواتف الذكية الجديدة، كما أصبح تطبيقًا إلزاميًا على جميع الأجهزة المباعة في البلاد اعتبارًا من 1 سبتمبر 2025.
وفقًا للشركة المطوّرة، أنشأ أكثر من 45 مليون مستخدم حسابًا على التطبيق، بينما يستخدمه يوميًا نحو 18 مليون شخص — ما يعادل ثلث سكان روسيا تقريبًا.

قيود استخدام وتسجيل صارمة

لا يمكن تثبيت التطبيق إلا باستخدام أرقام هواتف روسية أو بيلاروسية، ما يعني أن الروس المقيمين في الخارج لا يمكنهم الوصول إلى خدماته إلا إذا امتلكوا رقمًا محليًا.
كما تم حظر شرائح الـ eSIM والتسجيل من خارج روسيا، ما يعزز فكرة العزلة الرقمية التي تتبناها الحكومة.

نحو "الإنترنت الروسي المستقل"

تعتبر هذه الخطوة جزءًا من مشروع الإنترنت السيادي الذي يسعى إلى إحكام الرقابة على الشبكات المحلية ومنع الاعتماد على الشركات الأجنبية.
إلى جانب MAX، أعلنت السلطات أنه بدءًا من يناير 2026، سيتم تثبيت تطبيق LIME HD TV لمشاهدة القنوات الحكومية الروسية مسبقًا على كل أجهزة التلفزيون الذكية المباعة داخل البلاد.

قيود على واتساب وتيليجرام

يتزامن إطلاق MAX مع فرض قيود جديدة على تطبيقات المراسلة الغربية مثل واتساب وتيليجرام، بحجة عدم تعاونها في مشاركة البيانات الأمنية الخاصة بقضايا الاحتيال والإرهاب.
تشير الإحصاءات إلى أن واتساب لا يزال الأكثر استخدامًا في روسيا بعدد 97.3 مليون مستخدم، يليه تيليجرام بـ 90.8 مليون مستخدم، ثم تطبيق VK Messenger المملوك لنفس الشركة المطوّرة لـ MAX.

الخصوصية ومخاوف المراقبة

ورغم المخاوف التي أثارها ناشطون بشأن احتمال استخدام التطبيق لأغراض رقابية، نفت وسائل الإعلام الحكومية هذه المزاعم، مؤكدة أن MAX يتمتع بصلاحيات وصول محدودة مقارنةً بتطبيقات واتساب وتيليجرام، وأنه يهدف بالأساس لتأمين بيانات المواطنين داخل روسيا.

في النهاية، يبدو أن تطبيق MAX ليس مجرد أداة تواصل جديدة، بل رمز لمرحلة رقمية جديدة تسعى فيها روسيا لبناء عالمها الافتراضي المستقل — حيث يصبح الإنترنت محليًا، ومراقَبًا، ومرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بسياسة الدولة